top of page
Arabic_Ascola_280x240_white.png

د. جولان موشي لاهط

إسكولا هي اصطلاح يشير إلى مجموعة من الأفراد يتشاركون في منظورهم للعالم وفي مبادئهم الفكرية. مصدر الكلمة هو من اللغة اليونانية - σχολή (وتلفَظ scholḗ) واللاتينية (Schola)، ووصلت من هناك إلى اللغة الإنجليزية - وتعني المدرسة (school)، ليس بمعنى مبنى المدرسة أو مكانها، بل كشراكة أيديولوجية. مثل: المدرسة الرواقية ، التي برزت في العصر الهلنستي وسعت لإيجاد السكينة من باب المعرفة بأن عالم الطبيعة يضم "روحًا" ذات قوانين دائمة تضمن الاستقرار حتى في أوقات الشدة. أو مدرسة فرانكفورت على سبيل المثال، التي أسسها مفكرون ألمان في القرن العشرين درسوا مدى وطريقة تكيف الاشتراكية الماركسية مع عصر الرأسمالية الاحتكارية المتأخر.

من المثير للاهتمام ملاحظة أن الترجمة الحرفية الدقيقة لكلمة scholḗ، من الناحيتين اللغوية والفلسفية على حد سواء، هي وقت الفراغ أو الرفاهية. كيف ترتبط المدرسة الأيديولوجية والحقيقية بأوقات الفراغ والرفاهية (Leisure)؟ كيف يمكن للمدرسة الفكرية والمدرسة كمكان أن ترتبط بوقت الفراغ والرفاهية؟ حيث أنه وفي نهاية المطاف، يرتبط وقت الفراغ بأعيننا بحرية القيام بما نرغب فيه، بينما ترتبط المدرسة غالبًا بالدراسة التي تكون فيها درجة الاختيار صغيرة، إن وجدت أصلا، والتي تهدف بالأساس إلى توصيل التلميذ لاكتساب مهنة تمكنه من كسب العيش مستقبلا.

لكن هذا الإحراج اللحظي يشير في الواقع إلى جوهر الإسكولا كنشاط بشري منفصل عن وقت الفراغ المخصص للتسلية والمتعة وعن الفكر الأداتي الذي يهدف إلى اكتساب المعرفة لإمكانية كسب المال في المستقبل. لذلك فإن إسكولا هي اختيار الدراسة من أجل الدراسة التي لا توعد بالمتعة (على الرغم من أنها قد تكون ممتعة فكريا) وفيها طموح لعمل ليس كسولًا أو ممتعًا، ولكنه لا يكسِب مهنة منتجة. هو طموح الغرض منه هو الدراسة الصادقة التي لا يحكَم عليها على أساس المكاسب المادية التي تحققها، والسعي لتحقيق العدالة التي لا يمكن قياسها كميا  بالضرورة، ومراقبة الجمال الذي لا يحظى بشعبية بالضرورة. باختصار - على العمل في إسكولا أن يكون مجموعة من اللحظات التي يكون فيها الإنسان ذاتا يمكنها الخروج عن نطاق إرضاء الاحتياجات الحياتية والمتعة الصرف.

مجتمعنا، كجزء من العالم الحديث ككل، غارق في السعي وراء السعادة الحسية الفورية والإنتاجية القابلة للقياس الكمي. الشبيبة معرضون لهذا الأمر بشكل خاص، بحكم أعمارهم والمرحلة التي يتواجدون فيها، وبالتالي فإن إمكانية كشفهم لحياة ترفيهية، بمعنى الإسكولا، تصبح بالتالي حاجة أساسية لا تقدر بثمن.  

* د. جولان موشي لاهط هو محاضر في مساق العلوم السياسية في جامعة تل أبيب والمدير الأكاديمي لبرنامج إيدياه في جامعة تل أبيب.

bottom of page